ماتت وهي ترقص ،، ودفنت وهي ترقص !!
ركبت السيارة ، كشفت الغطاء عن وجهها أصلحت من حال عباءتها ، تأكدت من حقيبتها الهاتف النقال ، المال ، عطرها .... لم تنس شيء .... انطلقت السيارة بهدوء نحو صالون التجميل ، وتجولت هي بنظرها ... وقفت السيارة ، ارجع إلينا الساعة الثانية عشر ... ^**^**^**^ النساء كثير في الداخل ، لا بأس فأنا عميلة دائمة ومميزة لابد أن تراعي صاحبة الصالون هذا الأمر وإلا استقبال حافل ، تبادلن الابتسامات ، ذهب الخوف ، لن نتأخر كثيراً ... هذا حمام زيتي ، انتظري ساعة ... مجلة أزياء ، عرض لبعض التسريحات ، قلبت الصفحات تنقلت بين المجلات المختلفة... مضت الساعة ، ارتفع آذان المغرب ، أسلمت نفسها لمصففة الشعر جففت شعرها ، غاب الآذان ، ومضت الصلاة ... إزالة الشعر وتنظيف البشرة ، أنصتت لموسيقى هادئة ، تحولت لأخذ حمام مائي ... ارتفع الآذان ، إنها صلاة العشاء ، لم يتبق على الفرح سوى بضع ساعات ... وضعت رأسها بين يديّ المصففة ، اختارت التسريحة ، تناثر الشعر بين يديها ، يودعها وداعاً حزيناً ألقت نظرة إلى المرآة لم تعرف نفسها ، ارتسمت ابتسامة على شفتيها ، لن يسبقني أحد ... رسمت وجهها لطخته بالألوان ، تغيرت ملامحها ، نظرت إلى الساعة الواحدة ، ألقت العباءة على كتفها ، وبحذر شديد و ضعت الغطاء على رأسها ... ركبت السيارة ... إلى المنزل بسرعة لقد تأخرت ... لبست فستانها ، تعرت من حياءها ، بدت بطنها ، وسائر ظهرها أنكمش الفستان عن ركبتيها ، دارت حول نفسها ، لن يغلبني أحد ... ^**^**^**^ العيون ترقبها ، الكل يتأملها ، نظرات الاعجاب تحيط بها ، تقترب منها ... نظرات السخط تنفر منها ، تغمض عينيها تقززاً من حالها ... السفيهات يلاحقنها بالتعليقات الساخرة ... رقصت على انغام الموسيقى ، اهتز جسدها ... تنوعت الأغاني وتنوع رقصها ... لم يسبقها أحد ، ولم يغلبها أحد ... الكل يتابعها ، الكل يتحدث عنها ... من أين أتت بكل هذا ؟ كيف تعلمت كل هذا ؟ وكيف حفظت كل هذه الأغاني ؟ الكل يعرف الإجابة ... ^**^**^**^ توقفت عن الرقص ، سقطت على الأرض ، ارتفع الصراخ تدافع النساء إلى المسرح ، نادوها فلم تجب ، حركوها فما تحركت ارتفع الصراخ ، حملوها ، أحضروا الماء ، مسحوا وجهها ، بكت الأم والأخوات ارتفع العويل ، علا النحيب ، تدخل الأب والأخ اختلطت الأمور تحول الفرح إلى حزن ، والضحكات إلى بكاء ، توقف كل شيء ... ألبسوها ... غطوا ما ظهر من جسدها ... حضر الطبيب ، أمسك بيدها ، وضع سماعته على صدرها أرخى رأسه قليلا ، انطلقت الكلمات من شفتيه لقد ماتت ... لقد ماتت ... ^**^**^**^ ارتفع النحيب ، جرت الدموع ... ألقت الأم بجسدها على صغيرتها الجميلة أخفى الأب وجهه بين يديه ، الأخ يدافع عبراته خلاص يا أمي خلاص ... قامت الأم مذهولة ، صرخت ، لقد تحركت ، تحولت الأنظار نحوها لقد جنت ، لقد ماتت هكذا قال الطبيب ... أسرع الأب والأخ والأخوات نحو الأم ... المشهد رهيب ، والمنظر مؤلم ... سقطت الأم على الأرض... الأخوات فقدن السيطرة على مشاعرهن ... والأخ يصرخ ... لا ... لا ... مستحيل ... تجلد الأب ، أمسك بالأخ ، وبلهجة حازمة أخرج الأخوات وهن يحملن أمهن ... حضر بعض النسوة من الأسرة ... نظروا إلى الميتة ، ترقرقت الدموع ، وضعت الكبيرة منهن يدها على رأسها انطلقت منها كلمة : فضيحة ... فضيحة ... أسرعت نحو الأب ، يجب أن تستر عليها ، أحضروا المغسلة هنا ادفنوها بين الصلوات ، إنها فضيحة ، ماذا يقول الناس عنا ... أرخى الأب رأسه ، نعم ، نعم ... إنا لله وإنا إليه راجعون ... ^**^**^**^ جاءت المغسلة ، جهزت سرير الغسل ، وضعت الأكفان والطيب ، جهزت الماء ... أين جثة المتوفاة ؟... سارت العمة أمامها ، فتحت الباب ... الفتاة على السرير مغطاة بغطاء سميك .. وبجانب السرير وقفت الأم تكفكف دموعها ... أمسكت بورقة الوفاة ، الاسم ............ العمر : ثمانية عشر عام سبب الوفاة : سكتة قلبية ... شعرت بالحزن ، نطقت بكلمات المواساة للجميع ... كشفت الغطاء ، تحول الحزن إلى غضب ، لماذ تركتموه على هذا الوضع لقد تصلبت أعضائها ، كيف نكفنها ... الحاضرات لم يستطعن الإجابة ، سكتن قليلاً ... زاد حنق المغسلة ، انبعث صوت الأم ممزوجاً بالبكاء ... لم تكن هكذا حينما ماتت ، لقد اتخذت هذا الوضع بعد لحظات من موتها ... لقد سقطت على المسرح وهي ترقص حملناها جثة هامدة ، حضر الطبيب ، كتب التقرير ايقنت حينها بأنني قد فارقت ابنتي ، ألقيت بجسدها عليها رحت أقبلها ، وأبكي ، شعرت بيدها اليمين ترتفع ويدها اليسرى تعود وراء ظهرها ، أما قدمها اليسرى فقد تراجعت للوراء أرعبني الموقف ، صرخت حينها ثم سقطت على الأرض لأجد نفسي في غرفتي ومن حولي بناتي يبكين أختهن ويبكين نهايتها المؤلمة ... انتحبت بالبكاء ، أنا السبب أنا من فرط في تربيتها أنا من غشها ، ياويلي وياويلها من عذاب الله ياويل أباها وياويلنا جميعاً ... كانت تحب الرقص والغناء ، فماتت ...... وستدفن في قبرها ........ يارب ارحمها يارب ارحمني يارب اغفر لها ... محاولات لأعادة جسدها إلى وضعه الطبيعي ، الفشل كان النتيجة ... بذلت المغسلة مجهوداً جباراً في تكفينها ... وفي لحظة هدوء وبعيداً عن العيون ، نقلت الجنازة إلى المقبرة ... وهناك صلى عليها الأب والأخ وبعض المقربين ... نعم لقد دفنت وهي في وضع راقص ... اللهم ثبتنا عند الموت و اجعل خاتمتنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله المصدر شهد الكلمات
Tags:
قصص و عبر
Comments[ 0 ]
إرسال تعليق